جوليا بطرس: اغنّي للقواتيين والإشتراكيين ولتيار المستقبل

جوليا بطرس: اغنّي للقواتيين والإشتراكيين ولتيار المستقبل


التيار
بول باسيل

في العلوم التجارية والعقارية السند والشهود والإمضاء واجب، أمّا في العلوم السماوية الكلمة واللحن والصوت مداهم العمل بحدّ ذاته، يصبحن إشارات الهية.
جوليا بطرس بأخلاقها وإنسانيتها تحلّق عالياً صوب خالقها، يصحّ فيها قول جبران "إن ارتفعت عن التعصّب لجنسك أو بلادك أو ذاتك ذراعاً واحداً صرت بالحقيقة مثل ربّك".
الـ"tayyar.org" لحسن حظّه التقى بها عند صديق مشترك، فكان حديثها ممتع، صريح، وواضح، وكان اللقاء رصيناً وعميقاً وجريئاً، والأهم من هذا كلّه، تمتّع جوليا بكرامة وعنفوان لا يتمتّع بها الكثيرين. الساعتان التي جمعتنا بها مرّت كلحظات، ولدلالاتها الوطنية تمنينا عليها نشر الحديث، فلها الشكر والإمتنان.

لا تقرّ جوليا بالإلتزام على الإطلاق، فالإنسان عندها عليه أن يعيش قناعاته سواء كان موسيقياً أو مطرباً أو رسامّاً أو حرفياً، المهم الإقتناع والعمل حتى الرمق الأخير، كلمة "إلتزام" في قاموسها قد تحمل في طياتها مضامين تكبيل معين، فصحيح أنّ الوطن على علاقة وثيقة بالأرض والجغرافيا وبالإنسان بتناقضاته وأحاسيسه ومشاعره... في داخل جوليا التزام وحيد هو رفضها الإلتزام، كأنّ المطلق المحلّق عالياً لا يريد الإستقرار نسبياً على رغم تفاعلها لبنانياً وإنسانياً مع القضايا المحقّة. "كادرها الوحيد رفضها كلّ الكادرات، والوطن برأيها أكبر من التعريف نفسه، فهي لا تشبه أحداً في هذا المضمار، وتسأل نفسها عن الوطن، فلا تجد حدوداً له ولا جواب، تتابع جوليا حديثها وتجد الحلّ "أينما حلّ الطيبون واينما حلّ الأهل والاصحاب أعيش لبنان، هذا الوطن لا يمكن إختزاله جغرافياً بمنطقة محددّة، جوليا تقرّ رغم كثرة تجوالي في العالم وسكني في دبي يبقى الحنين الأشدّ للبنان الجغرافيا، تناقض تعيشه بفرح، تقولها بغصة: " لبنان أبعد من حبّة تراب أو رسمة جغرافية على خريطة، إنّه قيمة إنسانية".

يعرّج الحديث بنا ليطال الأحزاب في لبنان وتصرفاتهم الحزبية - الملشيوية تقول جوليا: للأسف الممارسات الحزبية توسم قسماً كبيراً من أعضائهم بالعار، فهم خلال الحرب اللبنانية عام 1976 مارسوا أشنع التصرفات، صحيح أنّ الشعب لا يريد حرباً أهلية بمعظمه، لكن معظم الأحزاب اليوم لا ترى مانعاً من خوضها مجدداً، منهم من يريد لبنان مقسّماً ومنهم من يريده لوناً واحداً، بعضهم يريد ربطه بالغرب وآخر يريد ربطه بالشرق... في الولايات المتحدة هناك حزبين الديمقراطي والجمهوري وفي فرنسا هناك أحزاب يمين ويسار ووسط، وبالتالي هناك أحزاب تليق بالإنسان لتليق بنفسها، أمّا في لبنان ماذا يوجد؟ يدعّون المؤسسات لكنّ أحزابهم شخصانية وعشائرية وطائفية، العمل السياسي داخل هذه الأحزاب تحوّلت وراثية، فالرئيس يسلّم ابنه، زوجه، والناس على مختلف إنتماءآتهم لا تحاسب زعمائها على رغم تغيير زعيمها مواقفه في اليوم الواحد ثلاث مرات، لهذه الأسباب أرفض كامرأة حرّة الدخول في أي حزب، تكمل جوليا حديثها: "أحاول بناء عائلة يكون فيها أبنائي يحبون الوطن فقط لا الحزب للإحتفاظ على حريتهم".

سألنا جوليا يعرف عنك أنّك وطنية بامتياز، غنيتي للجنوب وللمقاومة ضدّ إسرائيل، البعض يأخذ عليك في هذا المجال أنّك لم تبد أيّة مواقف مبدئية تجاه الوصاية السورية أو الأخطاء السورية في لبنان طيلة ال20 سنة المنصرمة. أجابت: بصراحتي المعهودة، ما تعّودت على قول الاّ قناعاتي... أميّز بين العدو الإسرائيلي وبين سوريا الدولة الجارة، هناك أخطاء كثيرة جرت أثناء تواجد الجيش السوري في لبنان لكنّ يعود بمعظمها بسبب اللبنانيين أنفسهم، فالأحداث جرت على ما هي عليه بسبب تصرفات القادة اللبنانيين... في السياسة المساعدة ليست مجانية، فكيف إذا كان العمل السياسي في لبنان شتائم، اللبنانيون علموا السوريين الرشوة والفساد، الممارسات اللبنانية كانت فاسدة والطقم السياسي بمجمله كان قاصر في النظر الى مجريات الأمور، اللبناني معروف عنه أنّه تاجر بارع تاريخياً، وللأسف خلال وجود الجيش السوري في لبنان تمّ استباحة كلّ شيء حسب المواصفات، منصب رئاسة البلدية كان يشرى كما باقي الوظائف المحترمة...
جوليا في حديثها تشير الى أمرين: الأول تأكيدها على أنّ الفساد بدأ مع اهل البيت ثانيها والأهم برأيها هو أنّه على الناس أن تفرّق بين اسرائيل الدولة العدوة وسوريا الدولة الجارة، فالأولى حسب رأيها لها مطامع في لبنان وفي المنطقة ككلّ بالأرض بالمياه، بزعزعة الإستقرار والسياحة والتجارة، فيما الثانية دولة جارة، هناك اناس كثر في لبنان تأثروا سلباً خلال تواجدهم في لبنان لكنّه يجب العمل على ترميم هذه العلاقة لصالح البلدين لأنّ لبنان لا يستطيع العيش بإقفال حدوده، وسوريا هي إحدى الشرايين الحيوية له.

في الذكرى السنوية الثانية لحرب تموز، جوليا ترى أنّ لبنان بامكانه أن يفخر بانتصاره على إسرائيل مرتين: الأولى بتخبّط اسرائيل قيادات وعسكر وشعب، الثانية بتحرير الأسرى وعلى رأسهم سمير القنطار، إسرائيل برأيها عاجزة عن القيام بهجوم واسع على لبنان، فحزب الله والمقاومة أثبتا فعاليتهما، واسرائيل تعيش حالة ضياع وتفكك.

سألنا جوليا وهل تريدين رمي اسرائيل في البحر؟ تضحك جوليا وتردّ بتأني: "لديّ تعصّب كبير ضدّ وجود هذا الكيان، تربيّت على هذا الأمر ولدي قناعة بهذا الخصوص مفاده أنّ وجودها سرطاني في المنطقة فلن تهضمه منطقتنا، والسبب الوحيد يعود اليها، فهي عاجزةعلى الإندماج في المنطقة لعنصريتها...
جوليا بطرس ضدّ وجود إسرائيل، نعم، هي اصلاً ضدّ وجودها... البعض يراه حلماً البعض الآخر يأخذ الأمر بتفاهة، لكن أنا أحلم بازالتها ككيان عنصري غاصب من الوجود.

حول ما ينسب من قول أنّ جوليا تنتمي الى الحزب السوري القومي الإجتماعي، أو لحزب الله أو العونيين، جوليا بطرس توضّح بحزمٍ أنها لا تنتمي الى أي حزب، فوالدها كان سورياً قومياً إجتماعياً حتى عام عام 1974، ولهذا السبب يصنّفني البعض قومية كون والدي منتسباً للحزب على اعتبار أنّ الأولاد سيكونون قوميين لا مجال، توضّح جوليا "أحترم عقيدتهم ورفضي إلإنتماء لأي حزب يعود الى الأسباب التي ذكرتها، ومأخذي على الأحزاب يطال الكلّ". تكررّ قولها "لا أنضوي تحت اي علم حزبي او علم غير العلم اللبناني، وإنتمائي هو للوطن فقط وهذا الوطن المصغّر إسمه لبنان أمّا المكبّر فهو الإنسان، تضحك من قلبها جوليا، وأنا لست شيوعية.

حول تصنيفها مؤخراً بأنها عونية، تجيب في السابق كانت أغنياتي لا تطال العونيين، والسبب إختلاف الأولويات وتموضع كلّ واحد منّا في موقع، حالياً أجهد لإيصال صوتي الى البعيدين، وما يجمعني مع العونيين كثير، فبالتالي عليّ جهد مناداة اناساً آخرين.

تتذكّر جوليا عام 1885 عندما غنّت غابت شمس الحق للجنوب، تكمل جوليا، البعض كان يعتبر الأمر غريباً، فالجنوب منسيّ عند البعض، قصفت إسرائيل، قضمت الراضي سيّان لدى البعض لتصبح أغنياتي للجنوب وكأنها تهمة... حالياً هذه التهمة زالت بعد وثيقة التفاهم بين التيار الوطني الحرّ وحزب الله، فالجنوب قطعة من لبنان بنظر الجميع، رغم وجود بعض الخوارج، العونيون قريبون منّي حالياً وما عليّ فعله هو مناداة الآخرين أمثال الإشتراكيين والقواتيين وتيار المستقبل علّهم يقتربون، خطوة مني، وخطوة منهم، نلتقي ويلتقي لبنان بنا، ليضمّ الجميع، مسلمين ومسيحيين... تضيف جوليا "حرب تموز رغم مساؤئها ومآسيها لها إيجابيات كثيرة منظورة وغير منظورة، عدى الإنتصار تنامى التواصل البشري بين الطوائف وأنا اتمنى ان نصل الى يوم لا يسأل فيه اللبنانيين عن دين أو طائفة، "وحتى لا يضطرّ البعض من مسائلو الإسمه أو منطقة لتحليلولتحديد الهوية...

سألنا جوليا بطرس عن الإنتماء العربي أو اللبناني قالت: اشعر أنّ العروبة بمأزق، حالياً اشعر بيئس من هذه العروبة.... أؤمن فقط بالإنسان وحريته، أؤمن بانتصار إرادة الحق للإنسان أينما كان، يتكلمون عن الوطن العربي ولا شيء إسمه وطن عربي هناك كيانات عربية وكلّ كيان عربي يلهو بشؤونه، لديّ لوم كبير على الشعوب العربية كما الأنظمة التي تملك السلطة والمال فحتى اشعار آخر لا جدوى من العروبة.

في معرض الحديث سألنا جوليا عن العماد ميشال عون وسماحة السيّد حسن نصرالله، قالت: "هاتين الشخصيتين الصادقتين حرتين فهما لا تخضعان لأي ضغوطات خارجية أو داخلية، وفي نهاية المطاف علينا أن نرى من يهاجمهم؟ الإنسان الصادق في هذه الأيام يهاجم سواء كان سياسياً أم صناعياً... رجال السياسة الصادقون نادرون جدا في هذه الأيام لكن في نهاية المطاف التاريخ سينصفهم، فالنخبة والناس الطيبون العاديون هم من سيتحكمون في المعادلة وسينصبونهم قادة".

الحديث مع جوليا تشعّب وطال، وطنياً وفكرياً وفلسفياً ودينياً...

0 comments:

Post a Comment

ارجو من الاخوه ان يتكرمو وابداء الراى واكون شاكرا للمقترحاتكم البنائه لتقديم ما هو افضل
وشكراااااااااا